يطرح إشكال الحرية في مجال التفكير الفلسفي على عدة مستويات: اجتماعية ونفسية وتاريخية وأخلاقية وسياسية وميتافيزيقية وغيرها ولذلك نجد هذا الإشكال في مجموعة من الدروس فهو مطروح في مفهوم الشخص ضمن إشكال الشخص بين الضرورة والحرية، كما نجده في الواجب من خلال إشكال الواجب والإكراه ، ولهذا إذا أردنا معالجة إشكال الحرية وسوف نقتصر في هذا الدرس على تناول إشكال ما مفهوم الحرية في الفلسفة ؟

ما مفهوم الحرية في الفلسفة

من أهم الفلاسفة الذين تناولوا مفهوم الحرية :

ما مفهوم الحرية في الفلسفة
ما مفهوم الحرية في الفلسفة

الحرية عند أرسطو

  • وصف أرسطو الحرية بأنها ما يختار الإنسان القيام به بناءً على توجيه العقل والإرادة في آنٍ واحد، واعتبر أنّ الحرية شرطٌ أساسي لتحمل الإنسان المسؤولية في أفعاله وأخلاقه، كما آمن بأهمية الحرية في بناء شخصية الإنسان، وفي حديثهِ عن الإنسان الحر، يرى أرسطو أن وصف الإنسان بالحر يعتمد على إمكانيتهِ في اختيار أفعاله دون أي تأثيرٍ خارجي يُفرض عليه من أي طرفٍ آخر.
  • أما عن أشكال الحرية؛ فيعتبر أرسطو أنّ للحرية شكلان، وهما (أولاً) حرية الأفراد، والتي يختارون فيها أسلوب حياتهم من تلقاء أنفسهم بعيدًا عن تأثير الدولة، و(ثانيًا) الحرية السياسية، والتي يُسمح للمواطنين بناءً عليها أن يتولوا المناصب العامة، ويؤدون المهام التي تخدم مصلحة الدولة والمجتمع من خلال تنفيذ القوانين.

الحرية عند سقراط

  • ربط سقراط بين الحرية والفضيلة، واعتبر أنّ ممارسة الإنسان للفضائل دليلٌ على حريته، في حين أنّ اتجاهه للرذائل دليلٌ على فقدانه الحرية، وأنه بات عبدًا لهذه الأفعال المشينة، كما آمن سقراط بحق الإنسان المكتسب بالحرية، واعتبر أنّه ما من شخصٍ في هذا العالم يملك الحق في حرمان الآخر من حريته، مهما اختلفت أشكالها.

الحرية عند أفلاطون

  • تطرق الفيلسوف اليوناني أفلاطون لمسألة الحرية في حديثهِ عن المدينة الفاضلة، واعتبر أنّ وجود الحرية من أسس قيام المجتمع المثالي، وأكثر ما يميز الحرية من وجهة نظر أفلاطون أنها لا تتخذ شكلاً واحدًا؛ فكل طبقة مختلفة من طبقات المجتمع لها شكلها الخاص من الحرية، الذي لا يشبه الحرية التي تتمتع بها الطبقات الأخرى، ووفقًا لأفلاطون؛ فإن مجتمع المدينة الفاضلة يضم أولاً طبقة الحكام الفلاسفة، تليها طبقة المحاربين.
  • وأخيرًا طبقة العمال، وتتمتع طبقة الفلاسفة بحرية السياسة التي تسمح لها بتسيير شؤون المجتمع، بينما تتمتع طبقة الجنود بحرية الدفاع عن الدولة، في حين تتمتع طبقة العمال المنتجين بالحرية في الكدح والإنتاج، ولا يجوز بناءً على رأي أفلاطون أن تتمتع طبقة العمال مثلاً بالحرية السياسية أو حرية الدفاع؛ بسبب افتقارها للحكمة والشجاعة.

مفهوم الضرورة و الحرية في الفلسفة

مفهوم الضرورة و الحرية في الفلسفة من خلال التصورات ومواقف الفلاسفة :

موقف مونييه :

  • الشخص يتمتع بحرية مشروطة. يرى مونييه أن حرية الشخص مشروطة بالوضع الواقعي الذي يعيشه، ومحصورة في حدود إمكاناته الفكرية والجسدية، إلا أن هذا الوضع المشروط لا يعني الخضوع للضرورة، فالإنسان، حسب مونييه، هو الذي يقرر مصيره ولا يمكن لأي شخص آخر، فردا كان أو جماعة، أن يقوم مقامه في ذلك. بما في ذلك المجتمع الذي ينحصر دوره في تطوير ميولات الشخص باعتماد تربية اقتراحية تقوم على أساس التوجيه والإرشاد البنَاء لا القسري.

موقف سارتر:

  • الشخص حر حرية مطلقة. تنطلق فلسفة « سارتر » الوجودية من المقدمة القائلة : «الوجود سابق على الماهية» وهي مقدمة تتضمن رفض إخضاع الشخص لقالب جاهز يجب أن يتوافق معه، فرغم أن الشخص يعيش دائما داخل سياق معين فإنه يتميز بقدرته على إعطاء معنى ودلالة لهذا السياق. وفي ذلك يقول سارتر : « قد تشكل الصخرة عائقا يجب إزاحته عندما تعترض طريقنا.
  • أما إذا أردنا أن نشرف من فوقها على منظر لمشاهدته بكيفية أحسن فستكون عندئذ عاملا مساعدا لنا. » إن الإنسان حسب « سارتر » يوجد أولا ثم يتحدد أثناء ممارسته لفعل الوجود، فهو في عمقه حركة وجود تسعى نحو التحقق وليس وجودا جاهزا دفعة واحدة. فالإنسان مشروع لأن حاضره مرتبط برؤيته للمستقبل. إذن فالإنسان حسب سارتر حر يختار أفعاله ويضع قيمه ومـن ثم يتحمل مسؤوليته الكاملة فيمـا يصدر عنـه من أفعـال.

موقف اسبينوزا :

  • الشخص محكوم بالضرورة والحتمية. يؤكد اسبينوزا على أن الإرادة الإنسانية خاضعة للضرورة والحتمية، وما اعتقاد الشخص انه حر في أفعاله واختياراته إلا وهم ناشئ عن جهـل،هذا الأخير، بالأسباب والعوامل الخارجية التي تسيره: البيولوجية والاجتماعيـة والسياسية…فالشخص، حسب اسبينوزا، ليس ذاتا حرة، بل هو نتاج حتميات طبيعية وموضوعية، حيث شبه دعوى حرية الإنسان بدعوى حرية حجرة متدحرجة من على مرتفع بسبب قوة خارجية محركة لها وليس اختيارا من ذاتها.

تعريف الحرية العامة

الحرية وهي القدرة على التصرف بما لا يضر الآخرين، فهي حرية مقيدة، بما يمنع اعتداء الأفراد بعضهم على بعض، ولهذا جاز تنظيمها بقانون وهي ثلاثة أنواع :

  • حريات تتعلق بالمصالح المادية للإنسان:( الحرية الشخصية، حرية المسكن، حرية التملك، حرية العمل، الحرية الاقتصادية.
  • حريات تتعلق بالمصالح المعنوية للإنسان: (حرية العقيدة، حرية الفكر، حرية الرأي، حرية الاجتماع، حرية تكوين الجمعيات، حرية التعلم).
  • حريات سياسية: (حرية الترشيح، حرية الانتخاب، حرية تكوين الأحزاب السياسية، حرية المعارضة للأغلبية..).
  • وقد كان المعيار أن السلطة ضرورة اجتماعية، الذي قبله الفقه السياسي الحديث، عاملاً جوهرياً في تعدد الاجتهادات والنظريات، حول تطبيق الحريات العامة المتعلقة بحقوق الفرد المدنية والسياسية، وتحديد مضمونها وممارستها، وتكييفها الفقهي والقانوني.

قد يهمك :

تعبير عن الحرية

إن موضوع التعبير عن الحرية الذي سنهمّ بعرضه يشتمل على مجموعة من العناصر والتي تتمثل في المقدمة ، عرض و الخاتمة فيما يلي :

كثيرٌ ما تتردد على المسامع كلمة الحرية إلا أن العديد من الناس لا يعلمون معناها وإلام تهدف؛ فالحرية هي أن يمتلك المرء صوته، قراره، حق اختيار ما يرغب دون أن يكون خاضعًا لأي سلطان –بشري- أو قيود لا يمكنه الانفلات منها.

مثل السماء الواسعة المليئة بالكثير من النجوم هي الحرية؛ لها أنواع وأشكال عدة والتي منها الحرية الدينية أن يتبع المرء ويؤمن بالدين الذي يرغب فيه ويعتقده دون ضغط أو قهر من أحد.

الحرية الاجتماعية أن يعيش المرء بالطريقة التي يجد أنها مناسبة له أكثر وذلك من حيث؛ السكن، التعليم، العمل وغيرها ، الحرية السياسية أن يمتلك الشخص حرية تأييد شخصية سياسية ما ومنحها صوته، وكذلك الاعتراض مع أخرى دون أي مشكلة.

مما لا يدركه عدد كبير من الناس أن حرية المرء تقف عند حدود حريات الآخرين؛ فلا يمكن مثلًا أن يقوم أحدهم بتشغيل صوت التلفاز على أعلى درجة ويزعج الجيران من حوله ويتحجج بأنه حر لأنه داخل منزله؛ لأن بكل تأكيد هذا معتقد خاطئ تمامًا.

على إثر ذلك وجب على المرء الذي كثيرًا ما يتحدث بلسان الحرية أن ينتبه إلى عدم استخدامها بطريقة سلبية حتى لا تنعكس النتائج المرغوبة، وكذلك لا يسعى إلى الحفاظ عن حدود حريته في نفس الوقت الذي يحاول فيه أن يخترق حريات الآخرين أو يمنعهم من ممارستها كما يفعل هو.

إن الحرية سلاحٌ ذو حدين يجب على الإنسان أن يدرك بأي طريقة يستخدمها، وأهم ما يمكن ختام هذا الموضوع به هو ضرورة الوعي بألا يستخدم المرء مفهوم الحرية للانحراف عن طريق الله وتعمّد معصيته؛ لأن في تلك اللحظة يكون فقدها بالفعل عندما صار عبدًا لأهوائه وتابعًا لأوامر الشيطان الذي لا يريد به إلا الضلال والهلاك.

شروط الحرية

دعا الإسلام إلى الحرية والتحرير، ولم يخطئ القول المنظّران في الإسلام المعاصر أبو الأعلى المودودي وسيد قطب، إذ عرفا الإسلام بأنه ثورة تحررية شاملة تنطلق من أعماق النفس والعقل والإرادة لتمتد إلى كل ركن من أركان الحياة ولا يعني بطبيعة الحال إقرار الإسلام للحرية أنه أطلقها من كل قيد وضابط، لأن الحرية بهذا الشكل أقرب ما تكون إلى الفوضى، التي يثيرها الهوى والشهوة ، ومن المعلوم أن الهوى يدمر الإنسان أكثر مما يبنيه ، وتتمثل الضوابط التي وضعها الإسلام للحرية في :

  • ألا تؤدي حرية الفرد أو الجماعة إلى تهديد سلامة النظام العام وتقويض أركانه.
  • ألا تفوت حقوقاً أعظم منها، وذلك بالنظر إلى قيمتها في ذاتها ورتبتها ونتائجها.
  • ألا تؤدي حريته إلى الإضرار بحرية الآخرين.

بحث عن الحرية pdf

نماذج بحث عن الحرية pdf :