كان مفهوم الحقيقة موضع نقاش لعدة قرون، حيث قدم العديد من الفلاسفة وجهات نظر وتعريفات مختلفة للحقيقة ، و في هذا المقال ، سوف نستكشف ما مفهوم الحقيقة في الفلسفة ، فتابعونا.

ما مفهوم الحقيقة في الفلسفة

برأي يصعب علينا وضع تعريف بسيط وواحد للحقيقة، وذلك لثلاثة أسباب رئيسية هي :

ما مفهوم الحقيقة في الفلسفة
ما مفهوم الحقيقة في الفلسفة
  • الأول لا يوجد بيننا إنسان كامل.
  • الثاني لا يوجد إنسان واحد يملك كل التفاصيل فيما يخص موضوع أو قضية معينة. دومآ هناك إمور تخفى على المرء مهما أوتي من علمٍ ومعرفة.
  • الثالث هناك حقائق مختلفة بإختلاف المجالات كالحقيقة العلمية، التاريخية، النفسية، الفلسفية، الدينية، الحسابية، الهندسية، الكونية، المناخية، الطبية، الجنسية، السياسية، … إلخ، وكلها حقائق نسبية، بمعنى أنها تختلف وتتغير وتتعدد تبعآ للظروف والعوامل.
  • من هنا كانت الحقيقة على الدوام غاية في ذاتها، ويسعى إليها البشرية في سبيل كشف كل ما هو غير واضح.
  • لا شك أن مفهوم الحقيقة مرتبط بالمعرفة كفاعلية إنسانية تتحدد من خلالها علاقة الإنسان بذاته وبغيره وبالعالم، ويتحدد مجالها الإشكالي بسعي الإنسان إلى اكتشاف ذاته والغير والعالم وفتح مغاليقها وإزاحة ما أخفى عليه فيها.

تعريف الحقيقة اصطلاحا

تعريف الحقيقة اصطلاحا :

  • من خلال التعريف اللغوي وكلام أهل العلم نستطيع أن نخرج بتعريف للحقيقة في الاصطلاح يتوافق عليه الجميع . في المعنى بين أهل الأصول وأهل اللغة وأهل المنطق.
  • فمن خلال ما تقدم ذكره في المعاني اللغوية نجد أن المعنى الاصطلاحي لا يخرج عنها بحال .
  • فنجد : أن ابن منظور وغيره عرفها بأنها : “ما أُقِرّ في الاستعمال على أصل وضْعِه”
  • ونجد القزويني الرازي يعرفها بقوله : “الكلام الموضوع موضِعَه الذي ليس باستعارة ولا تمثيل، ولا تقديم فيه ولا تأخير “
  • ونجد الكفومي يعرفها بقوله هي : “الثابتة والمثبتة في موضعها الأصلي”
  • وعرفها المناوي بقوله : “الكلمة المستعملة فيما وضعت له”

مفهوم الحقيقة عند أفلاطون

مفهوم الحقيقة عند أفلاطون :

  • يفكر أفلاطون في الحقيقة باعتبارها مستقلة عن الفكر والخطاب. في نظره، هناك واقع حقيقي يتعارض مع الواقع المتدهور والمظاهر المكونة له، أكثر مما يتعارض مع الواقع الزائف.
  • إن العالم الحسي الذي نحن مرتبطون به بسبب جسمانيتنا، هو عالم لا يمتلك سوى درجة ضعيفة من الواقعية، بمعنى أنه مأهول بنسخ المثل المعقولة.
  • والحالة هذه، بيد أن هذه الأخيرة هي ما يشكل الحقيقة، وليست هذه الحقيقة خاصية للفكر، بل هي وجود آخر، وعالم آخر، عالم المثل. إن الحقيقة عند أفلاطون، لا تتطابق بكيفية بسيطة مع الواقع، بل إنها هي المقامة كواقع مطلق، لا يتغير، وخالد.
  • إن الفكرة الإغريقية عن اللوغوس، بوصفه يشير في الآن ذاته إلى الخطاب الحقيقي، وإلى الوجود أو الواقع المنكشف في الخطاب، توجد في أصل ذلك التماثل بين الحقيقة والواقع لدى أفلاطون.

قد يهمك :

مفهوم الحقيقة الدينية

مفهوم الحقيقة الدينية :

  • المعرفة الدينية شأنها شأن باقي المعارف يمكن مقاربتها في مقاميْن اثنين، الأول مقام الْـ”يَجِب” أو “التعريف”، والثاني الـ”إنَّ” أو “التحقق”؛ والمعرفة في مقام التعريف كاملة خالصة صادقة؛ أي أنها على الشكل الذي يجب أن تكون عليه، لكنها في مقام التحقق.
  • أي ما أنتجه العلماء لحد الآن في الواقع الخارجي، وما أضحى موضوعا للتحصيل العلمي، فهي، لا محالة ناقصة ومشتملة على أخطاء، وتبعا لهذا “فالمعرفة الدينية” كسائر المعارف لها في مقام التحقق “هوية جماعية” ؛ بمعنى أنها ليست موجودة عند فرد بعينه، دون سواه، وإنما هي موزعة على الكل ومنتشرة بين الجميع كما أن لها في الآن نفسه “هوية تاريخية”.
  • إذْ ليس المقصود بالهوية الجماعية ما يوجد لدى جماعة المعاصرين فقط، وإنما تنسحب على كل من كان لهم على امتداد التاريخ الإنساني ملاحظات ومشاركات وإسهامات في معرفة خاصة. إن المعرفة الدينية، بناء على هذا، هي جهد إنساني ممتد وموجَّه، وسيّال عبر التاريخ، القصد منه فهم الشريعة /الدين، أما الشريعة الحقة الخالصة فليست إلا عند الشارع.
  • وإذا كان الدين في ذاته لا يتغير فالفهم الإنساني له والمعرفة المرتبطة به واجب تغييرهما وتطويرهما وتجديدهما. وهذا النمط من المعرفة ليس إلا فرعاً من فروع المعرفة الإنسانية كلها. كما أنها ليست “إلَهية” مقدسة من منطلق الموضوع الديني الذي تعالجه وتشتغل عليه. لذا لا يجوز بأي حال من الأحوال خلطُها “بالدين” كما هو في أصله وجوهره.

مفهوم الحقيقة في الفلسفة PDF

تعتبر الحقيقة هدفا لكل بحث علمي ولكل تأمل فلسفي إنها الغاية التي ينشدها كل إنسان سواء في علاقات اجتماعية أو في حياته الشخصية أو في علاقته بالوجود. غير أن مفهوم الحقيقة يتصف بنوع من الغموض سببه تعدد الحقائق، و تعدد مصادر المعرفة كما تطرح صعوبة تمييز الحقيقة عن أضدادها نتيجة تداخلهم، وهو ما يستوجب وضع مفهوم الحقيقة موضع سؤال.

  • لتحميل شرح مفهوم الحقيقة في الفلسفة PDF : اضغط هنا.

معايير الحقيقة

معايير الحقيقة :

موقف وليام جيمس (1842 – 1910) معيار المنفعة والمصلحة.

  • يرى وليام جيمس أن معيار صدق الحقيقة هو تحقيق المنفعة والمصلحة، فالسلوك العملي النافع هو المعيار الوحيد لصدق الحقيقة، والفكرة مهما كانت، علمية أو دينية أو فلسفية أو سياسية أو اجتماعية تكون صحيحة وصادقة إذا أدت إلى نتائج عملية نافعة تفيد الفرد في حياته اليومية وتساعده على النجاح، إن النتائج أو الآثار التي تنتهي إليها الفكرة، حسب وليام جيمس، هي الدليل الوحيد على صدقها وصوابها.

موقف جون لوك (1632 – 1704) معيار التجربة.

  • يرى جون لوك أن كل الحقائق مصدرها التجربة، وما العقل إلا صفحة بيضاء يستمد معارفه من التجارب الحسية عن طريق الحواس التي تمده بأفكار بسيطة ويعمل هو على التركيب بينها لإنتاج أفكار كلية كفكرة الجوهر والعلية.
  • هكذا يكون معيار صدق الحقيقة هو مطابقتها للواقع الحسي التجريبي مطابقة تامة، فحين أقول مثلا أن الماء يتبخر بالحرارة يكون حكمي صادقا لأن الواقع يؤكده بالملاحظة الحسية والتجربة. فمعيار صدق الحقيقة حسب جون لوك هو التجربة.

موقف ليبنز (1646 – 1716) البرهان السليم معيار الحقيقة.

  • ليبنز يرى أن البرهان وحده يميز بين الحقيقي وغيره، و ينطلق ليبنز من نقد التصور الديكارتي الذي يرى ان الحقيقي هو الواضح والتميز، أو البداهة العقلية، وذلك انطلاقا من غموض هذا التصور، لذلك يعتبر ليبنز أن البرهان السليم هو معيار الحقيقة.

موقف ديكارت (1596 – 1650) البداهة العقلية معيار الحقيقة الأساس.

  • يعتبر أن العقل هو أعدل الأشياء قسمة بين الناس والمعيار الأساسي لبلوغ لحقيقة والعقل لكي يبلغ الحقيقة عليه أن يتبع طريق البداهة المرتبطة بالحدس والاستنباط. فالعقل يتضمن أفكار بديهية واضحة متميزة تدرك إدراكا حدسيا ولا تحتاج إلى استدلال عقلي.
  • بل معيار صلاحيتها في بداهتها، كأن أدرك أنني موجود وأن المثلث ذو ثلاث أضلاع، الكل اكبر من الجزء. لكن هناك أفكار ندركها عن طريق الاستنباط (الاستدلال عليها عقليا)، بحيث يتم استخلاص حقائق جديدة انطلاقا من حقائق أولية بديهية، لذلك فمعيار صلاحيتها يرتبط بمدى انسجامها المنطقي.