يؤدي الإنسان واجب العبودية لله، وهو بهذا يقتدي بالأنبياء -عليهم السلام-، وبالأخص محمد – صلّى الله عليه وسلّم- الذي أمره الله بعبادته فقال: (وَاعبُد رَبَّكَ حَتّى يَأتِيَكَ اليَقينُ)، وكذلك الملائكة الذين لا ينقطعون عن عبادة الله، قال الله في وصف حالهم: (إِنَّ الَّذينَ عِندَ رَبِّكَ لا يَستَكبِرونَ عَن عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحونَهُ وَلَهُ يَسجُدونَ) ، ونذكر فيما يأتي ما مفهوم العبادة في الاسلام ؟

ما مفهوم العبادة في الاسلام

ما مفهوم العبادة في الاسلام
ما مفهوم العبادة في الاسلام

إن مفهوم العبادة في الإسلام أعم وأشمل مما يعتقده كثير من المسلمين، من مجرد الصلاة والزكاة والصيام والحج فقط، ولكن العبادة التي خلقنا الله من أجلها هي تعظيم الله عز وجل والخضوع والتذلل له وإفراده بالطاعة المطلقة، فإذا جاء أمره سبحانه يجب أن يسقط من حسابنا كل أمر عدا أمره عز وجل..

إن العبادة في الإسلام لا تعني – كما هو الحال في كثير من الأديان والعقائد – حوارًا جزئيًا مع الله سبحانه وتعالى في ساعات معينة من الليل والنهار، حوارًا يعبر عن نفسه بأداء حركات محددة، واستعادة تعابير وصلوات مكتوبة سلفًا، وهدوءًا جسديًا موقوتًا بزمن هذا الحوار.

وما أن تتم هذه العبادة الجزئية، أو الصلاة التي لا تعدو أن تكون (صلة) وقتية تسودها الآلية والكسل الروحي في معظم الأحيان، حتى ينقلب الإنسان إلى تيار الحياة الهادر الصاخب، (يحرك) مكوناته التي جمدتها لحظات الصلاة!! ولكي ينطلق متعاملاً مع الآخرين بشخصيته الثانية الثانية الدنيوية العملية الحركية.

أما في الإسلام فإن كل فاعليات الإنسان حركاته وسكناته، ظاهره وباطنه، علاقاته الأسرية والاجتماعية والدولية تبدو عبادة لله،قال تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}(الأنعام:162-163). إنها حق لازم على العبد حتى يموت، وقد قال سبحانه:{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}(الحجر:99).

مفهوم العبادة لغة واصطلاحاً

تعريف العبادة لغةً ، واصطلاحاً :

  • في اللغة : الذلّ والانقياد.
  • واصطلاحًا : اسم جامع لكلّ ما يحبّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظّاهرة؛ كالتّوحيد ـ فإنّه عبادة في نفسه ـ، والصّلاة والزّكاة والحجّ وصيام رمضان، والوضوء، وصلة الأرحام، وبرّ الوالدين، والدُّعاء، والذّكر، والقراءة.
  • وحبّ الله، وخشية الله، والإنابة إليه، وإخلاص الدّين له، والصّبر لحكمه، والشّكر لنعمه، والرّضا بقضائه، والتّوكّل عليه، والرّجاء لرحمته، والخوف من عذابه، وغير ذلك مما رضيه وأحبّه؛ فأمر به وتعبّد النّاس فيه.

معنى العبادة وانواعها

أنواع العبادة أربعة و هي :

  • عبادة قلبية و تقوم على التوحيد و الإخلاص.
  • عبادة بدنية و تقوم على الصلاة و الصيام.
  • عبادة مالية و هي الزكاة.
  • عبادة مالية بدنية و تتضمن حج بيت الله الحرام و الجهاد في سبيل الله بالمال و النفس.

قد يهمك :

ما الغاية من العبادة

  • الغاية من العبادة هي ذكر الله و الثناء عليه و شكره و تسبيحه و تعظيمه طلبا لمرضاته، مما يؤدي إلى الابتعاد عن المعاصي و الآثام و الإكثار من فعل الخيرات، و بهذا تكون العبادة سببا في إصلاح النفوس و تهذيب الأخلاق .

ما هي اركان العبادة

اعلم أنه لا تقبل العبادة إلا إذا تحقق فيها ركنان :

ركن متابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم :

  • قال الله تعالى : ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، فتضمنت هذه الآية ركني العبادة؛ فقوله تعالى: ﴿ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ﴾ [الكهف: 110]: دليل المتابعة، وقوله: ﴿ وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]: دليل الإخلاص.
  • فلا يُعبَد الله إلا بما شرعه على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو ردٌّ))[4]؛ متفق عليه.
  • قال الفُضَيل بن عياض في قوله تعالى : ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 2]، قال: أخلصه وأصوبه، يعني: خالصًا من شوائب الشرك، صوابًا موافقًا للسنَّة.

ركن الإخلاص :

  • قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5].
  • وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم)).
  • وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)).

شروط العبادة

لصحة العبادة شرطان :

  • أحدهما: أن لا يعبد إلا الله، وهو الإخلاص الذي أمر الله به، ومعناه أن يقصد العبد بعبادته وجه الله سبحانه، قال تعالى : { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة }(البينة:5).
  • وقال صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك وتعالى: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) رواه مسلم وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: ” اللهم اجعل عملي كله صالحا، واجعله لوجهك خالصا، ولا تجعل لأحد فيه شيئا “.
  • والثاني: أن يعبد الله بما أمر وشرع لا بغير ذلك من الأهواء والبدع، قال تعالى: { أَم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله }(الشورى: 21)، وقال تعالى: { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا }(الكهف:110) وقال صلى الله عليه وسلم: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) متفق عليه.
  • وقال الفضيل بن عياض في قوله تعالى:{ ليبلوكم أيكم أحسن عملا }(هود: 7) قال أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه ؟ قال: العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا، والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة .